مفاجأة: المدرب مصطفى العمراني يصدم الجميع بهذا القرار
قرّر مدرب التايكواندو، مصطفى العمراني، بعد أسبوع من الإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح مؤقت في قضية غرق 11 شخصا بشاطئ منطقة الشراط، التوقف عن ممارسة رياضة التكواندو، ومغادرة التدريب والتخلي عن صالة الرياضة التي كان يملكها، وبالتالي عن الجمعية التي يترأسها، والهجرة بعيدا عندما تنتهي فصول هذه القضية التي باتت تخنقه وتوجعه وتؤلمه....
جاء ذلك في تدوينة كتبها شقيقه بوشعيب العمراني، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، ونظرا لأن هذه التدوينة مؤثرة جدا بلغتها الصادقة العميقة المؤلمة الناحبة، آثرنا أن ندرج نصها الكامل:
"تتوالى الأيام.. حزينة وكئيبة.. وكل يوم جديد يطل علينا يزيد من حزننا وآلامنا الكثيرة.. وحالة أخي النفسية تزداد تدهورا وسوأ.. وشهيته للأكل تزداد نفورا.. وأصبح يردد حديثا واحدا فقط: (السجن أحب إلي مما أنا فيه.. لعل في السجن خلاص لي من آلامي الداخلية).. وزوجة أخي تحدثني عن نوم مصطفى المتقطع المليء بالكوابيس والدموع.. تستيقظ لتجد المخدة مليئة بالدموع.. وعن الشرود الذي أصبح هو السمة الغالبة على محياه..
في حديث مع أخي مصطفى هذا الصباح.. حدثني بصدق ممزوج باليأس وبالمرارة.. عن إخفاقاته المتتالية.. وأنه كلما حاول رفع رأسه كلما جاءت مصيبة تجعله يغوص معها إلى الأعماق.. حدثني عن أحلامه الكثيرة المتبخرة في ظل الإهمال والنسيان.. وعن تضحياته الجسام من أجل الرقي برياضة التيكواندو في هذه المدينة الصغيرة التي لا تعترف بكفاأتها حتى تموت.. في حين تأكل طموحات أبنائها وهم أحياء.. كما حدثني عن ألمه العميق لفقدان تلاميذه ال 11.. وعن فدوى.. ذلك الحلم الذي حلم به منذ ما يزيد عن ثمان سنوات.. وتبخر في ثوان معدودات.. وعن الصعوبة التي يجدها في التأقلم من جديد مع واقعه المرير المليء بالذكريات المؤلمة.. وعن نظرات المجتمع بين متعاطف متضامن.. وبين من يراه قاتلا.. حدثني أيضا عن ألمه الشديد من الصحافة التي جعلت منه متهما وجلادا في نفس الوقت.. وعن استغلال الصحافة لتصريحاته العفوية وهو تحت تأثير الصدمة.. وكيف صنعت منه كائنا بشعا عبث بأرواح تلاميذه.. وهو الذي أحبهم أكثر من أي شيء في هذه الدنيا.. حدثني عن استغلال الصحافة للعناوين المثيرة لتصريحات أم فدوى الكاذبة.. دون الإشارة لرده ورد الجامعة الذي ينفي أقوالها جملة وتفصيلا.. وكيف أن العناوين البارزة تقرأ وحدها دون قراءة محتواها.. كما حدثني عن الإحباط الشديد الذي أحس به وهو الذي تعود الإحسان إلى فدوى كابنته رقية تماما.. وكيف أنه سيجد صعوبة في التعامل مع وليدات الناس مستقبلا.. في ظل التخوف من الآتي المجهول.. ليختم حديثه بنبرة يائسة منكسرة جعلت دموعي تنساب.. عن عزمه الأكيد التخلي عن صالة الرياضة التي لن يستطيع الدخول إليها.. واعتزاله تدريب رياضة التيكواندو لأي كان.. في ظل مجتمع ومسؤولين لا يمتلكون ثقافة الاعتراف.. وعن نيته الهجرة إلى أي مكان حالما تنتهي أطوار القضية.. التي تمنى أن تنصف الضحايا قبل أي شيء.. حتى يرتاح ضميره ولو مؤقتا..
طلبت منه أن يحدث الناس بنفسه عما يحسه عبر شريط فيديو.. لكنه أشاح بوجهه والدموع تملأ مقلتيه هاربا من النظر في وجهي.. قائلا: (مابقيتش قاد نهضر.. قول أنت للناس هاد الشي.....).. عانقته واختلطت دموعنا.. وأدركت حينها أنه ليس وحده الذي يحس بالإخفاق والمرارة واليأس.. بل كلنا نحس نفس الإحساس.. فقط بوثيرة متفاوتة.. الله يحن عليه وعلينا..
اسمحوا لي.. وجدتني مضطرا أن أتقاسم معكم واقع أطوار هذه المكاشفة الأخوية بيني وبين أخي رغم مرارتها وألمها.. راجيا منكم الدعاء له ولنا بالفرج القريب.....
الصورة من آخر دوري لجمعية النور ببنسليمان في رمضان بالسوسيو رياضي قبل سنتين"...